بين التطفل و التمعش

ليس جديدا أن ينقد الرسول محمد صلى الله عليه و سلم من قبل خصومه العقائديين أو من قبل أصحاب الكتب السماوية الأخرى فالأمر مستساغ و يبدو في كثير من الأحيان مفهوما فالرجل نشر رسالة طالت أغلبية الأعراق وأغلبية البقاع ومازلت إلى يومنا هذا محل دراسات ونقاشات مستمرة ومستنفرة
ما يبدو على الأقل خلطة جديدة من الديماغوجية النقدية في مستوى تعبيرات البلوغسفير التونسية ما أتاه المدون اليسراوي عياش في أحد تدوناته الأخيرة من تسطحية تحليلية لأحد مراحل نزول الوحي على خاتم النبيين بإعتبار الغار مكانا ذو ترمزية تحقيرية إن لم يقل رجعيا بمفهوم اليسراوية النقية الإلحادية الراقية و يحضرني ما كان يهذيه مناوئ أستاذنا المرحوم محمود المسعدي بقولهم لول علب الجعة لأبدع المسعدي السد فكلا التبريران يقتصران على جانب ثقيل من الدعابة السمجة فربما كان من الأجدى و الأكثر رومنطقية أن تنزل الرسالة السماوية على الأمين بأحد شواطئ البحر الأحمر حتى تتحسن صورة الوحي عند هذا المتلقي المرهف الإحساس
تزداد قناعتي يوم بعد يوم أن نخبنا التي تتدعي بنقدها الدين عامة و الإسلام خاصة الكشف و فضح ظلامية الخطاب الديني هي تكرر إنتاج لأليات هذا الخطاب بشكل عكسي فإن كانت الجاهلية عند الأصولي شرا مطلقا فهي خير مطلق عند العياش ففيها يتنافس الشعراء ويمرح الندماء وهذا كاف ليعم النماء
أتفهم أن يستميت الإنسان في الدفاع عن أفكاره ولكنني أعجزعن فهم غياب النزاهة الفكرية من خلال لوك أطروحات ضبابية من قبيل ما يشيعه مشال انفراي قبلة العياش الروحية من تمجيد للعروبة الماقبل إسلامية و من إطراء مرضي للفلسفة الإغريقية باعتماد شمولية طفولية لفهم نسق تقدم الإنسانية بشعار الاخواني الشهير الإلحاد هو الحل
لو إستدل العياش باخصائي كهشام جعيط ليبرهن عن رجاحة فكره وحججه لهان الأمر فجعيط مختص في تاريخ الوسيط بتلك الربوع أما أن يستند إلى متطفل لم يبلغ بعد كعب مستشرقين كج بيرك فهذا من قبيل الإستمناء الفكري

أخيرا أشكر عياش لرحابة صدره ولعدم فسخ ما جادت به قريحة بعض المرضى من تعاليق سوقية لأن حرية التعبير كل لا يتجزأ

نعم لمحاكمة الجلادين مهما طالت أعمرهم

تأتي شهادة الحارس الشخصي للرئيس السابق ح بورقيبة المدعو أحمد التليسي من منبر مؤسسة التميمي لتنفض الغبار عن مسألة في غاية الأهمية و هي هل تسقط جريمة التعذيب بالتقادم؟ إعترف التليسي بأنه عذب اليوسفيين بصباط الظلام وكان تبريره لهذا الجرم أقبح من ذنبه مدعيا أن اليوسفيين كانو سيفعلون به نفس الشيء

وبالرغم من بشاعة جريمة التعذيب فان التليسي لم يقتنع بعد بأن ما إقترفه يداه يساوي الجريمة وضل يعتبر نفسه ًمناضلا حقيقياً ليته كان مزيفا ولم يعذب

وتعقيبا على طلبه المتحدي بمحاكمته آرى أنه من الضروري و الأخلاقي أن ننظم في يوم ما بتوفر الشروط العادلة للتقاضي محاكمة رمزية لكل من عذب تونسيا حتى الإشهار به و فضحه وليكون عبرة ودرسا ولعلي أقصد هنا بشكل مباشر أولئك المنسيين الذين لم تدافع عنهم رابطات أو جمعيات إنصاف أو عفو أبناء الأمانة العامة الذين لم ينصفوا بعد حتى من قبل مؤرخي البلاط الحالي بنعت معارضتهم بالفتنة اليوسفية وللحديث بقية